الباب القديم.. ذو الضلفتين

ارتدت معطفها الصوفي الثقيل وفتحت الباب القديم فأطلق صوته الحاد الموحش، نظرت خلفها وقد انطبعت على وجهها ابتسامة له
كان يقف مرتكناً إلى الحائط المقابل بعينين نصف مغمضتين وصدر ٍعارٍ، مرتدياً بنطلونه الأزرق الفضفاض.. كم أحبت ملمس صدره .. فقط حين يحتويها
"نفسي أنام في حضنك للصبح منغير ما اضطر البس هدومي وامشي في البرد ده لوحدي.."
لم تتجاوز هذه الجملة حد الشفتين، ابتسم
" متتأخريش بكره .. أه أااااه .." قال متثائباً..
خرجت وانغلق الباب وراءها كالتابوت.. ومن شراعته الزجاجية، إنطفأ النور.
* * *
كان الجو بارداً أكثر من المعتاد، ولكنها لم تمطر، ربما حتى لا تكتمل الصورة البديعة لتلك الليلة الشتوية..
الليلة بالتحديد، أحست بثقل خطواتها تقطع الشارع أمام قصر عابدين، وقشعريرة تسري في جسدها بقوة فتسرع الخطى في اتجاه مقهى "الحرية" من أجل زجاجة ستلا.. أو زجاجتين
الوجوه، نفس الوجوه، والغربة ذاتها.. لا تعرف لماذا - أحياناً - رغم عادية مظهرها، تلفت أنظار رواد المقهى، فيلتفتون كلهم - بلا استثناء -! هل تبدو عليها "إيروتيكية" غامضة في بعض الأحيان؟.
* * *
كانت على استعدادٍ تام، بعد ثالث زجاجة، أن تكتب كتاباً يحوي وجهة نظرها في الخلق من العدم والفناء في جسدٍ، وما بينهما من عربدة روحانية...
في تلك الليلة.. بالتحديد، انقطع التيار عن وسط البلد كلها فجأة، فخرجت من المقهى مرتعشة كالقطة، وشعرت بأيادٍ تتحسسها، وأنفاسٍ تلاحق أذنيها، وثمة ضحكات وحشية بعيييييييدة... تسحق روحها..
فتمد يديها من وسط الزحام ، تحاول التشبث بشُرّاعة بابه البعيييييييييد.. ذو الضلفتين...
* * *
18 Comments:
This comment has been removed by a blog administrator.
يااااااااااه ايه ده ؟؟؟
جعلتيني على حافة البكاء
حسيت بعد ما قريتها بفراغ كبير ف صدري، ضلمه، و بيمر منه هوا بارد أوي
ايه الغربة دي؟
أبدعتي:)
بديع. كتابة فيها أحساس صادق جدا
حلوة العلاقه بين الباب القديم وبين أحساسها بالأمان...ونظرتها المختلفة للعالم بعد مابتخرج وإحساسها بالوحشة
تعلقها بالباب واللى رواه بغض النظر عن كونه حقيقى أو لأ بس هيه متمسكة بيه
بجد برافو عليكى عيشتها اوى
لا أعرف إن كانت التقنية الوصفية في الكتابة أم دقة التفاصيل أم مزيج الشحوب والإغتراب والخوف هو ما يكسب هذا النص تلك الكثافة
هذه لوحات جميلة تثير المشاعر، والتأمل
والأجمل، قدرتها على نقل القاريء إلى خيال الكاتب، بل إلى واقع أبطاله
أبطالها وبطلاتها المهومين
منتهى الألم
هذه المرة هى الأكثر ايلاما من كل ما قرأته لك هنا
و منتهى الصدق برضه
الباب.. الأمان ..الوحدة.. العبثية.. عدم نزول المطر لكي لا تكتمل الصورة البديعة لتلك الليلة الشتوية
ح اقول إيه؟
غاده...
سامحيني ماكانش قصدي!ء :))))
بس أعمل إيه في الغربة؟ قدر يا بنتي
ألكسندرا
كتابتك نتخليني أحس إننا على قدر كبير من التواصل رغم إني معرفكيش.. أهلاً بيكي دايماً
هيرا
مبسوطه قوي إني قدرت أوصلّك ده
ومش علشان عشتيه قبل كده
أدوناي
أشكرك جداً على تعليقك
وأتمنى أن أرى مدونتك قريباً.. ممكن؟
سولو
سؤال محير بالنسبة لي.. لماذا هذا الارتباط بين السحري بين الألم وتحقق النشوة؟
سامية
أنا كمان رغم إني قريت كل التعليقات من كام يوم وكل يوم أدخل أقراها تاني وتالت بس برضه.. مكنتش عارفه أقول إيه
منوّرينننننيييييييييي
خرجت وانغلق الباب وراءها كالتابوت
تعبير رائع
النصف الاول من البوست لغة التعبير فيه عالية جدا
بس رؤيتك للنهاية فيها حاجة مش مريحانى بس مش عارف أمسكها
مدونتك حلوة
حاول تمسكها وقوللي
حاجه غريبه جدا انا كمان نفسى انيمها فى حضنى لغايه الصبح من غير ما تضطر للرحيل. الأحساس ده بيجيلى كتير
انتى كده جيتى على الجرح
مدونه جميله جدا
الجرح واحد
يااه سؤالك بيلح عليا بقاله فترة و مش لاقيله اجابة
فى مرة شبهت فيها نشوتى الخاصة بدبوس بيعدى على جرح مفتوح أو نسيج حى
لقيت ان كتير من متعى الحسية و النفسية مرتبطة بألم
أنا كمان يا سولو، معرفش أعيش من غير "شجن" ومعرفش أكتب لو مبسوطه، لو مبسوطه بعيش الحاله لحد ما تخلص
mabsout awi enny bakteshef 3alam gdid 3an nas ma3rafhumsh w mabsout enny ba3rafhum mn elwesh da , blog to7fa , 7asses ennek wesh ma2louf mn weshoush west elbalad , shukran 3la elmut3a elli ana 7asses beeha delwa2ty
بعد الطوفان والجو شبورة
أشكرك جداً
أنا كمان حسيت نفس الإحساس والمتعة هنا..
ما أرجوه هو دوام الحال
دي كتابة بجد وكدة حغير منك
ده أنا اللي حقي أغير منك!
Post a Comment
<< Home