سفر التكوين

My Photo
Name:
Location: Egypt

Sunday, January 15, 2006

رذاذ....


أمـــــــــــــــــواج عبثية
تخلّف رذاذاً.... رومــــــــــــانتيكياً
ذاك الذي كان كــــــــافياً...
كي يعصف بذاكرتي
ويحيـلهـــــــــــــا
دوامة عجــــــــــــــــــــــــــوز...
فقدت لذتهـــا.. بالتقادم.

--------
الغردقة - شتاء 2006

Sunday, January 01, 2006

زرقة...

"الليلة ستكون آخر علاقة فيزيائية بالعام الحالي، غداً ستبدأ... النوستالجيا..."

قرب الفجر، مررت بباب فندق سقط نصفه... حاملاً لافتته، تاركاً مكانها أغمق لوناً، وبأسفل ذاك الوشم الحجري، اسم الفندق، مكتوب بالطباشير بخط مبعثر غير مقروء.. "الفردوس".... لم يحاول فك رموز الاسم غير هؤلاء الذين يقطنون "الفردوس" والزائرون القليلون..أتسلل داخل طرقة رطبة.. حتى يذبل الضوء تماماً، فأسمع صوت نقط مياه تدق الفراغ غير المحدد فتضيف له بعداً "ما"... يحثني على التوغل.. والاستكشاف..

----

لم يستوقفني أحد، فبدأ التوتر يتسلل إليّ..لا أعرف لماذا لم أخرج من هذا المكان المقبض..تعتاد عيني الظلمة فتأخذ الصورة في الوضوح نسبياً، وأرى في العمق باباً زجاجياً مضيئاً حيث تظهر خيالات لشخصية غير واضحة المعالم، أنثى كثيرة الحركة، تبحر من أقصى الغرفة إلى أدناها معطية بعض الاهتمام للركن الغربي شديد الحميمية، محاولة التغاضي عن شرقها المترب المليء بالكراكيب...

"من هو الشخص الميت؟ ومن هو نصف الميت...؟"

----

أقترب كثيراً من مصدر الحياة والضوء... فأراها بوضوح من جزء مكسور بزجاج الباب..أراها.. مهوشة الشعر، تقف ناظرة للشباك الوحيد بغرفتها، ذو زجاج أزرق داكن، من بقايا زمن الغارات.. كأن الناس بداخل هذا "الفردوس" غير الناس بخارجه..تمسح بأطراف أصابع يدها اليسرى تراب على سطح الزجاج.. تندهش حين يترك أصبعها الأوسط أثراً أعمق.. تضحك ضحكة مكتومة وبيدها اليمنى تخرج سيجارة بيضاء طويلة من علبة "كليوباترا" ذهبية.. وتشعلها، ثم تأخذ نفساً عميقاً.. تغمض عيناً و تطرد الدخان بحدة معتادة..تبدأ في الاهتزاز برتابة.. الدخان يتصاعد فترفع رأسها متابعة إياه حتى تصدم بالضوء المبهر قرب السقف شديد الارتفاع.. فتقطب.. وتغمض عينيها.

----

"في الغد.. ستسطع شمس غير حميمة.. وليل فرص حميميته أقل"

أغفو متكومة في ركن الطرقة.. فيقلقني صوت.. أراها تستعد للخروج...كم أرغب رؤية وقع الشمس على تلك المخلوقة الليلية فأسرع خارجة.. وأنتظرها بجانب كشك على الرصيف المقابل.. ألمحها من بين منتجات كثيرة الألوان تصنع بروازاً اعلانياً لوجهها، الذي كان مصبوغ بالماكياج وقد صففت شعرها في أناقة غريبة.. وسمعت صوتها.. يا للغرابة! لم أتخيلها تنطق حرفاً.. قالت: "واحدة مارلبورو أبيض.."ودست العلبة بحقيبتها في حركة سريعة.. وخرجت من البرواز و انطلقت إلى الرصيف المقابل بين السيارات... واختفت

----

"أبحث بين المارة عن وجه يشبهني.. فأتخيل مكان واسع.. أشبه ببيت المرايا"

أرتمي على كرسي بباب المقهى القريب.. يغمرني الإحساس بالفقد.. والعزلة وأتخيلها على الجانب الآخر في ساعة ما أثناء النهار وغرفة غير محددة الهوية..تجلس على كرسي مكتب أبيض اللون.. تستند بذراعيها إلى المكتب..وتريح رأسها فوق كفيها..ممسكة بجانبي رأسها.. مغمضة العينين..تهز رأسها قي ألم ممزوج بنشوة غامضة.. ثم تنخرط في عمل ما..أتخيلها تقرر الرحيل فجأة.. فتسرع الخطى داخل "طرقة" بلا لون.. ممتدة للأفق.. تسير في اتجاه المصعد المعدني.. الذي يبتلعها في صمت..

----

"لم يخلف الغروب شعوراً بالرحيل.. أبداً، وإنما حمل دائماً نشوة العودة.. للذات"

رحل رواد المقهى.. الواحد تلو الآخر، فرحلتُ إلى "الفردوس" وبقيت في انتظارها.. وكان مساءً آسناً شديد الظلمة ولكن ضوء الأباجورة بحجرتها أرسى الدفء في قلبي..أراها قادمة وقد أطلقت شعرها كهالة ملائكية منزلية.. وجهها النقي دون أصباغ.. وقد تحرر جسدها من الأثقال..تتأمل صوراً منثورة فوق منضدتها الصغيرة.. تبتسم من آن لآخر..نفس السيجارة البيضاء الطويلة تحتل الجانب الأيسر من فمها..تمتد يدها الرفيعة طويلة الأصابع في حنوّ متعَب لتطفئ ضوء الأباجورة...الظلام يطبق على المكان..صوتها تتحرك في أرجاء الحجرة...ثم ترقد على الفراش.. الضوء يتسلل من شباكها الأزرق الوحيد ليصنع من وجهها كتلة زرقاء مبتسمة في لانهائية..أخرج من "الفردوس" يتوغلني شعور باليتم.. وتغمرني الرغبة في العودة..